Saturday, April 25, 2009



عمّار البيك: هذه التدوينة لك

شاهدت بالأمس هذا الفيلم الايراني


كانت جدتي أم ماما "الحاجة ظرافات" تربي الحمام في شرفة بيتها في حدائق القبة. لا أعرف ماذا كانت تفعل عندما كانت تمسك بالحمامات واحدة واحدة وتضع منقارها في فمها ونحن نراقبها في حب استطلاع منتظرين وقت استماعنا لحكاياتها المدهشة التي تنقلنا لعوالم أخرى. وكان عندنا في "عزبة الكرداني" برج حمام سُمح لي بدخوله في طفولتي مرة أو مرتين، قبل أن يُهمل ويتهدم . وكان لحسن حكايات كثيرة عن الحمام البلدي الذي، من دون أنواع الحمام الأخرى، ينكش عشه فيزبل ويوقع أكله ويدوسه ويشخ عليه، ثم يندم ، بالتأكيد.

هل مازالت تربية الحمام هواية منتشرة في مصر؟ أعتقد ان الهواية مازالت موجودة : سوق الحمام أو سوق الجمعة بجوار السيدة نفيسة مازال على ازدحامه وفيه بيع وشراء كل أنواع الطيور، وبالذات الحمام، وكل مستلزمات تربيته. مازلت أرى أحيانا ساعة المغرب بعض الأشخاص فوق بعض العمارات، خاصة في المناطق الشعبية مثل باب الشعرية أو الأزهر، يلوحون وسرب الحمام يلف ويلف ويدور فوق المبنى أو بالذات فوق رأس ذلك الشخص الذي يلوح لهم، وأتعجب كيف يصلون للغة للتفاهم مع الحمام وتدريبه؟ بالتأكيد هي لغة فيها قدر أكبر بكثير من الرحمة بالمقارنة بتدريب الببغاء على الكلام. قالت إحدى زميلاتي التي قالت أنها موهوبة في تدريب الببغاوات أنها تجلس مع الببغاء لساعات وساعات في ظلام دامس وقد غطت قفصه بغطاء ثقيل. تهمس بصوت منخفض وناعم لأقصى درجة بالكلمة التي تريد أن تعلمها له. إذا قالها الببغاء: تعطيه مباشرة الأكل الذي يحبه ثم تستأنف، إن عصى ولم يقلها: تقذفه بالفلفل الأسود وتعيد تغطيته بالغطاء الثقيل ليظل في الظلام يعطس ويكح حتى الجلسة التالية


سمعت أن المحاكم الشرعية في سوريا لم تكن في الماضي تأخذ بشهادة الحمامجي؟ لماذا؟ لا أعرف: ربما لأن الحمامجي يطّلع على اسرار الناس وهو يقف على سطح البيت، ربما لأنه يقال أن الحمامجية متعودون على سرقة الحمام من بعضهم البعض، ولكن ما ذنبهم والحب له أحكام عند الحمام، مثل البني آدم وأكثر. الحمام له وليف واحد والزوجان يشتركان بشكل متساو، في رعاية البيض والصغار بعد فقس البيض واسألوني أنا. لمدة أشهر الآن وأنا اراقب زوج من الحمام استقر في فتحة الجدار التي تبقت بعد خلع وحدة التكييف الشباك التي أغلقت بلوح خشب من داخل الشقة فقط. أسمع صوتهما طول الوقت يتبادلان الرقاد على البيض بينما أرى الآخر يطير أمام شباكي ثم يعود. ثم أسمع صوصوة الصغار بعد قليل، فأفرح


عمّار: هل تصنع لنا فيلما عربيا عن الحمام؟ ياريت


ملحوظة: الصورة في هذه التدوينة لعمار البيك وهو مصور ومخرج سوري فذ يربي الحمام فوق سطح بيته في دمشق القديمة منذ طفولته

No comments: