Wednesday, April 29, 2009




قال أحمد: موعدنا في الأجازة القادمة. سننت اسناني وحضّرت نفسي وسافرت معه وعائلته وقابلنا باقي الأسرة هناك في الساحل الشمالي يوم الخميس قبل شم النسيم. من ثاني يوم بدأنا: أنزل بملابس وحذاء الرياضة ونضارة الشمس نصف ساعة الصبح والظهر وفي المغربية. يتناوب عليّ أحمد وشباب العائلة. كل يجرب بطريقته. هذا يمسك لي بالجادون والكرسي ويسند العجلة ويقول لي: بدّلي.... مش نافع. الآخر يقول: نجرب أمشي بجوارك ماسك الجادون وأنت أيضا إمشي برجليك لتشعري بتوازن العجلة.... مش نافع أيضا. الولد الأوسط يقول: ضعي رجل على البدال وهو عالي واضغطي لأسفل، وعندما يرتفع الآخر إضغطي بالرجل الأخرى فترتفع الرجل الأولى وهكذا... مش نافع برضه. الولد الصغير يقول: ما ينفعش كده، اقدامك تسيب البدّال، مش صح، ربما لابد ان نربط قدميك في البدالات. اخي يقول انت تخافي أن تقعي؟. ما هذا السؤال؟؟ طبع خائفة!!! هل لم تسمع عن عظام النساء فوق الخمسين من قبل؟؟!!! يقول: ولكن لا بد من المغامرة قليلا. سأمسك بالكرسي من الخلف وانت فقط بدّلي وسيكون كله تمام. يلهث وهو يجري بجواري ثم لا اسمع صوته جواري وفي اللحظة التالية أجد نفسي أمسح الرصيف المجاور والشارع وتتخرشم ذقني وركبتي وكفايّ. أضحك وأنا أقول آه يا ني ، وأذهب لأغسل الجروح بالماء والصابون فقط بدون كحول كما قالت سيندي. يقول لي الشباب: معلهش، استريحي شوية الآن ونواصل بعد الظهر. عندما مر يومان بدون نتيجة قلت لهم: لا اعتقد اني يمكن أن أتعلم كل شيء في نفس الوقت: التبديل، التوازن، طريقة الجلوس على العجلة.... ماهي الطريقة لأن أتعلم حاجة حاجة بالتدريج؟؟ يقول أخي: معلهش، لو سمحتي بلاش فلسفة، إطلعي على العجلة وبدّلي بسرعة واحنا نسندك حتى تشعري بالتوازن فنتركك، فيرد آخر: لكنها مش عارفة تبدّل... فيرد الثالث: هي دي الطريقة، كلنا تعلمنا هكذا ، فأرد: إتعلمتم وأنتم صغار، فيرد آخر: إنتي عايزة إيه دلوقتي؟؟ عايزة تتعلمي؟ ياللايقول أحد الشباب: إيه الحكاية، لماذا تقفي كل شوية؟ يجب أن تواصلي حتى تتعلمي هذه هي الطريقة الوحيدة، صدقينا. أحاول أن أُفهمهم –بدون إحراج لأحد-أن ربما كرسي العجلة غير مناسب لي، غير مريح بالمرة، أن عندي آلام تجعلني أتوقف. فيسألون ويلحون. فأقول: في المِقْعَدة. يقولون بعدم فهم: إيه؟؟؟ أقول: لا مؤخذة يعني، في المؤخِرة. فيزداد توتر الموقف. يقولون: إيه؟؟؟؟ مش فاهمين. بعد استعراض كل الأسماء المؤدبة لهذا المكان بدون جدوى، أهمس للشباب الواقفين أمامي: ال ت ي ز. يفهمون ويبتسمون بخجل وفهم للموقف. واحد يقول: معلهش استحملي، وآخر يقول: هذا طبيعي، وواحد يقول مخففا عني: هذا يحدث لكل الناس في بداية التعليمظل أصغر فرد في الأسرة -5سنوات- يتابعني مشجعا بعجلته الصغيرة. تارة يدور حولي دورات واسعة صارخا طوال الوقت: ياللا، ياللا، بدّلي، بدّلي... عندما ينبههه الكبار أن هذا يلبخني وأنه يجب أن يبتعد عني يتوقف فعلا عن الدوران ولكن يتابعني من الخلف بحيث تكاد تلتصق عجلته الأمامية بعجلتي الخلفية... كان يسمع حوارنا عن آلامي وسمع ما قلت، وفوجئنا به جميعا ينفجر في ضحك هستيري: سكولاتيز، سكولاتيز، تيز ، تيز ، تيز ....نتوقف جميعا عن الكلام ونلتفت له ونضحك فيسوق فيها طبعا ويكرر: سكولاتيز، سكولاتيز، تيز ، تيز ، تيز . تسمع أمه، التي لا تحب ولا تسمح أبدا بمثل هذا الهزار، فتنزل من الشاليه بسرعة وهي تهدده، فيسكت على مضض وبمجرد ان تصعد مرة أخرى لتنهي ما كانت تفعله، ينظر لنا في شقاوة ويقول بصوت منخفض: سكولاتيز، سكولاتيز، تيز ، تيز ، تيز ثم يتبعها بحروف إنجليزية متتالية فيما يشبه الإيقاع. أقول له متحايلة: لكن يا حبيبي ما معنى هذه الأغنية؟ من علمها لك، ما هذه الحروف. يقول ببراءة: تعلمناها في المدرسة، فاقول: مش معقول، الأولاد أصحابك يغنون في هذه السن بهذا الكلام؟؟ فينبري أخوه الأكبر -10 سنوات- موافقا: آه، فعلا والله، تعلمناها في المدرسة: الأستاذ في الطابور يقول سكولاتيز ثم ثلاث حروف إنجليزية. تزداد دهشتنا ونحاول ان نسألهما، فينطلق الصغير ضاحكا: سكولاتيز، سكولاتيز، تيز ، تيز ، تيز، فتصرخ أمه من داخل الشاليه لإن إيدها "مش فاضية": هيه، وبعدييييين... فيهمس لنا: تيز ، تيز ، تيز ونحن نضحك وهو أيضا.
لم نعرف سر سكولاتيز إلا في آخر يوم قبل سفرنا مباشرة. حلف الولد الأكبر -10 سنوات- أنهم فعلا يقولون هذا في المدرسة ثم وقف ومثّل لنا ما يفعلونه في طابور الصباح آآآآآآآه اخيرا فهمنا
ما يقوله قائد الطابور في الميكروفون : school at ease
فيرد عليه التلاميذ بالثلاث حروف الأولى من إسم المدرسة ، ثم يقول قائد الطابور: إنتباه،
يرد عليه التلاميذ :school
إنفجر الجميع في ضحك هستيري أتى بكل من كان في داخل الشاليه مشغولا بالفسيخ والرنجة ليكتشفوا الخبر. قمت من مكاني ومثّلت لأبناء أخي ماذا كنا نفعل في طابور الصباح في مدارسنا. تقول قائدة الطابور: مدرسة صفا، فنرد بقوة ونحن نحرك القدم اليمنى قليلا لليمين ونشبك ايدينا خلف ظهرنا: قومية، فتقول قائدة الطابور: إنتباه، فنرد بنفس القوة ونحن نعيد قدمنا اليمنى لمكانها ملاصقة لليسرى ونريح أذرعنا بجوارنا: عربية. يسألني ابن اخي -10 سنوات- : إيه قومية عربية دي، يعني إيه؟ مش فاهم حاجة؟ سكتنا نفكر... لم نعرف كيف نرد

No comments: